الحج القديمة محاضرة تكشف الأهمية التاريخية للطرق والمحطات لقوافل الحجيج إلى مكة ضمن سلسلة الموسم الثقافي الذي ينظمه مركز زايد للدراسات و البحوث التابع لنادي تراث الامارات ، قدم الدكتور سعد الطويسي، المحاضر بقسم التاريخ بجامعة الامارات العربية المتحدة، محاضرة بعنوان : طرق الحج القديمة ، تاريخها ، دروبها وأثارها . استهل المحاضر حديثه بالاشارة إلى أهمية الطرق التي تسلكها مواكب الحجيج ، إلى جانب ما لقيته تلك الطرق من عناية من قبل خلفاء المسلمين من خلال بناء القلاع و برك المياه لسقاية الحجيج على طول مسار الرحلة. كما اشار الدكتور الطويسي الى الجوانب الاقتصادية التي تحققه هذه الطرق و انعكاس ذلك على السكان المحليين.كما زخرت العديد من كتب التراث الإسلامي بالإسهاب في ذكر تاريخ طريق الحج الشامي الذي يعود إلى بداية انتشار الإسلام في بلاد الشام ثم في آسيا الصغرى، وما جاورها وكان يمثل أهمية خاصة للسلطان العثماني الذي كان يُهيّأ للمحمل الشامي الذي يسير عليه ما يلزم ويعيِّن له أميراً للحج قد يكون من أمراء البدو أو كبيراً من الدمشقيين أو والي دمشق بالذات. وسلط " الطويسي " في محاضرته الضوء على أهمية قافلة محمل الحج الشامي ، وما يتصل به من طقوس وإحتفاليات شعبية ودينية ، عبر أكثر من 35 محطة، بدءا من محطة الكسوة ، مرورا بذي النون ، الصنمين ، مزيريب ، وهي منطقة التجمع النهائي للحجاج القادمين من كافة ألوية الشام ويبيتون فيها ليلة واحدة عرفت بـ " ليلة الوقدة " في الأول من ذي القعدة. وتابع المحاضر الحديث عن أهم الطرق التي كان يسلكها الحجاج السوريون عبر مناطق ومدن وبلدات مختلفة في الأردن ، مثل ضبعا وسواقة والقطرانة والحسا ، التي ذكرها إبن الفضل الله العمري، وصولا إلى تبوك ثم الأخيضر والمعظم ، التي سميت بذلك نسبة إلى الملك الأيوبي شرف الدين عيسى بن سيف الدين أحمد المعظم ، الذي أمر بإنشاء قلعة وبئر فيها لخدمة الحجاج ، وركز المحاضر على محطة مدائن صالح المدينة المعروفة أيضا بإسم "الحجر " وهي واحدة من المواقع الأثريّة التي توجد في الجزء الشماليّ الغربي من المملكة العربية السعوديّة، وأشار المحاضر إلى أهميتها للحجيج من حيث أنها غنية جدا بالمياه ، يستريح فيها الحجاج ليلتين، ثم ينطلقون منها إلى مدينة العلا ، وهي محطة قوافل قديمة جدا ، فيها المياه والزرع ويمتاز اهلها بحسن الضيافة والاستقبال ، وصولا إلى بركة زمرد، وقد سميت كذلك نسبة إلى زمردة ، والدة السلطان إبراهيم الأول ، وكانت قد زارتها ، ثم أمرت بإنشاء قلعة وبئر وبركة ، لخدمة الحجيج ، مواصلين رحلتهم الشاقة من هدية إلى المدينة المنورة ، ثم إلى منطقة رابغ ، وهي منطقة الاحرام إلى مكة لحجاج المحملين السوري والمصري كما عرج المحاضر على ذكر قافلة محمل الحج المصري ، التي تبدأ من الطريق الساحلي ( المعرقة ) ثم إلى العقبة في الأردن ، ومنها إلى سلسلة من المحطات منها حقل ، الشرف ، البدع ( مدين قديما ) ، عينونة ، الصلا ، المويلح ، الأزلم ، الحوراء ، النبط ، ينبع النخيل ، بدر ، الجار ، وهي محطة ساحلية مهمة ذكرها الجغرافيون الأوائل ، على أنها موقف إستراحة مهم بالنسبة للحجاج ، ثم إلى رابغ ، الجحفة ، وهي نقطة إلتقاء للطريق ما بين مكة والمدينة ، حيث أوردها لأول مرة الحريري ، وقد وصفها الأدريسي بأنها من اعمال مكة ، وفيرة بالماء العذب ، و مشهورة بأسواقها ومنازلها ، وحصنها الشهير ، ثم إلى المحطة النهائية المهمة في مكة المكرمة . و في ختام المحاضرة، قدم مركز زايد للدراسات و البحوث شهادة تقدير ودرع تذكارية للمحاضر، تقديرا لجهده القيم في موضوع المحاضرة .