صوت الرشاد والقهوة محاضرة لمركز زايد للدراسات تحكي قصة العادات والتقاليد في الامارات
ضمن موسمه الثقافي 2017 ، نظم مركز زايد للدراسات و البحوث التابع لنادي تراث الامارات ، أمس في مدينة العين ، محاضرة بعنوان " صوت الرشاد وقصة القهوة " تحدثت فيها الكاتبة والباحثة في التاريخ والتراث غاية خلفان الظاهري ، وإستهلت بتقديم لمديرة المركز فاطمة سعود المنصوري ، أكدت فيه على أهمية الموضوع المطروح ، الذي يتصل بالعادات والتقاليد الاماراتية الأصيلة ، وكشف الكثير عنها مما لم يتعرض له أحد ، من خلال الكاتبة الظاهري ، التي تمتلك مخزونا كبيرا عن الحياة والتراث في مدينة العين ، والموروث الشعبي في الامارات ، فيما أوضحت المحاضرة في بداية حديثها ، أنها معنية بالتركيز على إهتممامات المغفور له الشيخ زايد " طيب الله ثراه " ومواقفه النبيلة في الارتقاء بمدينة العين ، والمحافظة على موروثها وتاريخها وحضارتها ، التي تمتد إلى نحو 7500 سنة ، وقدّمت في السياق نبذة تاريخية عن العصور والحضارات التي مرّت بها عبر هذه الفترة ، وكيف أنها كانت آنذاك من أهم المدن في إبتكار فكرة الأفلاج ، التي بلغ عددها نحو 300 فلج ، منها فلج الجاهلي ، ونجاحها في مجالات الزراعة وصناعة وتصدير مادة النحاس ، ثم سردت المحاضرة ما مرّ بهذه المدينة من حروب ، حتى مرحلة دخول الاسلام إليها ، وأنها كانت وما زالت السّد المنيع امام الغزوات ، وما وصلت إليه من نهضة في عهد فقيد الوطن الكبير الشيخ زايد ، الذي خصّها بالرعاية والاهتمام ، حتى غدت اليوم بفضل جهود القيادة الحكيمة من أهم المدن على الصعيد التاريخي والآثاري والحضاري .
وتطرقت المحاضرة إلى مفهوم صوت الرشاد والطقوس المرافقة له ، الذي كان بمثابة بوصلة ترشد النّاس إلى الأماكن والأحياء والمناطق المأهولة ، وقالت : لقد كان هذا الصوت بمثابة إعلان عن أحوال الأحياء والحارات والناس ، وله ثلاثة جوانب لدى العاّمة من الفرح والحزن والتحذير ، حتى إذا سمع النّاس صوته ، كانوا يتجهوت إلى البيوت في الفريج لتفقد أحوال ساكنيها والسؤال عن أحوالهم في إشارة إلى أهمية هذا الصوت في عكس صورة نبيلة عن التكاتف والتراحم في مجتمع الامارات . وإنتقلت غاية الظاهري بحديثها إلى قصة إكتشاف ( القهوة ) عبر أربع محطات هي إثيوبيا ، اليمن ، السعودية ، الامارات ، وأنها وصلت إلى الأخيرة عام 1502 ، على نهاية الوجود البرتغالي ، وتحدثت عن الموطن الأول لشجرة البن ، في إقليم " كافا " في إثيوبيا " ، وعن أصنافها وانواعها التي وصل عددها إلى نحو 500 نوع ، وأفردت مساحة خاصة للحديث عن القهوة في مجتمع الامارات ، وكيف أصبحت من المتطلبات الأساسية في كل بيت إماراتي ، ثم أهميتها ، وعادات وتقاليد القهوة الاماراتية ، وتناولت بالشرح أسماء وأنواع فناجيل القهوة وما يرافقها من طقوس وعادات وتقاليد ومعان ودلالات ، وهي ثلاثة : فنجان للضيف ، وآخر للسيف ، وثالث للكيف ، كما تطرقت إلى تفصيلات حول أهمية وصناعة ( الدّلة الفلاحية ) التي كانت تصنع من الطين المحروق ، وأول واحدة منها ، تم تجهيزها بمناسبة تولي الشيخ زايد " رحمه الله " مقاليد الحكم ، وقدّمت قهوتها لضيوفه الذين جاءوا خصيصا لتهئنته بهذه المناسبة ، وسرد الظاهري ، قصة حدثت عام 1946 ، في قصر المويجعي ، مقر الحاكم آنذاك ، كشفت من خلالها عن علاقة الشيخ زايد ، بالقهوة وتقديره لها ، وكيف أنّه كان يحاول تقديمها لضيوفه بنفسه ، في إشارة لتوضعه وإنسانيته وإهتمامه "رحمه الله " بتعليم الصغار في مجلسه التراثي ، أهمية إحترام الضيف ، وتكريمه ، بإعتبارها – القهوة - أكثر من شراب ، بل هي معنى للصلابة والدرابة وعنوان للكرم والأصالة ، ويترافق معها كنز من العادات والتقاليد التي تكشف عن أهمية ثقافة وهوية المجتمع ، لافتة إلى أهمية ان نعلم أولادنا منذ صغرهم على ( السنع الاماراتي ) وما يتصل به من عادات المجالس ، وإحترام كبار السن ، والمحافظة على الموروث وصون الهوية الوطنية ، وغيرها مما يشكل تطبيق معادلة الأصالة والمعاصرة . وإختتمت الظاهري محاضرتها إلى أهمية الموسم الثقافي الذي يتبناه مركز زايد للدراسات والبحوث ودوره ، في تفعيل الحياة الثقافية في الدولة ، وإستقطاب المختصين والباحثين في مجالات التاريخ والتراث والآثار ، لصياغة مشهد ثقافي ناضج ، يؤكد على أهمية العاصمة ابوظبي كمنصة للثقافة العالمية . عقب ختام المحاضرة كرّمت إدارة النادي الباحثة غاية الظاهري ، تقديرا لموضوع محاضرتها القيّم ، وتفاعل الجمهور معه ، بصورة لافتة .