في ندوة نظمها مركز زايد للدراسات والبحوث وجامعة زايد حول وثائق أبوظبي التاريخية
الارشيف والوثائق الوطنية اساس للنهضة والتقدم والبناء
نظم مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات بالتعاون مع جامعة زايد، يوم امس ندوة علمية في مقر الجامعة في ابوظبي بعنوان "وثائق أبوظبي التاريخية"، بمشاركة نخبة من الباحثين المتخصصين، وذلك بمناسبة يوم الوثيقة العربية.الارشيف والوثائق الوطنية اساس للنهضة والتقدم والبناء
وجاءت الندوة في ثلاث جلسات، حيث تناولت الجلسة الأولى "دور مراكز الوثائق والبحوث في حفظ الوثائق والبحوث:، فيما كان موضوع الجلسة الثانية هو "الجهود العلمية لتحقيق الوثائق المحليةط، فيما اختصت الجلسة الأخيرة بقراءة في "وثائق تاريخ البنية التحتية في إمارة أبوظبي".
وافتتحت الندوة بكلمة لجامعة زايد قدمها الدكتور فارس هواري عميد كلية العلوم الصحية الطبيعية وعميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة زايد، الذي أشار في كلمته إلى أن الاحتفاء بالوثيقة العربية هو احتفاء بالأمجاد العلمية العربية. مشيداً بالدور الرائد لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، وجهوده في الاهتمام بالوثائق العربية.
وقال" ها نحن ، و من منبر هذا الصرح العلمي الشامخ و المتزين باسم الوالد المؤسس، ندعو إلى مضاعفة الجهد العلمي في كافة حقول المعرفة الإنسانية، و بما يعود بالنفع على الإنسانية قاطبة، فما نقوم به الآن من جهد و سعي لترسيخ المعرفة، سوف يتجلى لاحقاً في مسار و اتجاه البحث العلمي".
وقال الدكتور حمدان الدرعي رئيس قسم البحوث والدراسات في مركز زايد للدراسات والبحوث في كلمته التي قدمها باسم نادي تراث الإمارات، إن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تألُ جهداً في المحافظة على الوثيقة العربية حيث أنشأت العديد من المراكز البحثية بها، مشيراً إلى أن الدور الكبير الذي تضطلع به دولة الإمارات ينطلق من عدة محاور أبرزها الرغبة في الحفاظ على التراث العربي والإسلامي. كما أشاد الدرعي بدور سمو الشيخ سلطان بن زايد الذي استطاع المركز بفضل جهوده الحصول على العديد من الوثائق البريطانية والعثمانية بجانب الاستعانة بالعديد من الباحثين لتحقيق هذه الوثائق وإعادة طرحها للجمهور العربي.
وضمت الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور أحمد الزامل الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإنسانية في جامعة زايد، كلاً من الأستاذ سعيد خميس السويدي الباحث في الأرشيف الوطني، والدكتور حمدان راشد الدرعي رئيس قسم البحوث والدراسات في مركز زايد للدراسات والبحوث، حيث تناول السويدي في ورقته التي جاءت بعنوان "جهود الأرشيف الوطني في الحفاظ على وثائق أبوظبي"، تاريخ الأرشيف الوطني ومراحل إنشائه من 1968 وحتى اليوم، والجهات التي أشرفت عليه. كما استعرض السويدي محتويات نادرة لوثائق الأرشيف الوطني من بينها أقدم صورة في الأرشيف الوطني وهي صورة التقطت لقصر الحصن عام 1901 من قبل صموئيل زويمر. واستعرض السويدي أقدم وثيقة في الأرشيف الوطني مصورة من الأرشيف البرتغالي كتبها المستكشف فاسكو دا جاما (1469 – 1524) فيها وصف لجزر هرمز. كذلك قدم السويدي معلومات عن الأرشيفات الرئاسية، وما تحتويه من خرائط نادرة أقدمها تعود للعام 1502، وتسجيلات صوتية للشيخ زايد "طيب الله ثراه" بالإضافة إلى الصور والأفلام المتاحة كلها للباحثين.
أما الدكتور حمدان الدرعي، فجاءت ورقته بعنوان "جهود نادي تراث الإمارات – مركز زايد في الحفاظ على وثائق أبوظبي"، وتناول فيها إنشاء المركز الذي افتتحه سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان رسميا في مارس 1999، وانضم إلى عضوية الأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقال الدرعي إن إنشاء المركز جاء للمحافظة على تراث الآباء والأجداد من خلال البحث العلمي، ونشر الوعي الفكري بالتراث وأهميته، وإجراء الدراسات والبحوث التراثية والتاريخية بالإضافة إلى تهيئة كوادر مؤهلة من المواطنين الباحثين.
وأكد الدرعي أن المركز سعى إلى جلب وثائق الأرشيف البريطاني والعثماني، حيث تم الإفادة منها بجعلها متاحة للباحثين، مستعرضاً عدداً من الوثائق التي يمتلكها المركز وتغطي كافة الجوانب التاريخية لإمارة أبوظبي، مشدداً على أهمية الاستفادة من الأرشيفات التي تحوي وثائق عن الإمارات. مشيراً إلى أن مركز زايد للدراسات والبحوث استفاد من هذه الوثائق في إصداراته حيث تم تحقيق 12 مخطوطة أهمها "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" لابن فضل الله العمري،فضلاً عن قسم المخطوطات في المركز الذي يحتوى على 60 مخطوطة نادرة، منها مصاحف، بعضها يرجع إلى القرنين السادس والسابع الهجريين وهي بحالة جيدة.
فيما تحدث في الجلسة الثانية كل من الدكتور فالح حنظل الباحث في التاريخ الإماراتي، والأستاذ سعيد بن كراز المهيري، وأدارها الدكتور يحيى محمود أستاذ التاريخ بجامعة الإمارات، حيث أشار الدكتور فالح حنظل في حديثه إلى الدور المهم الذي يلعبه نادي تراث الإمارات بإقامته للندوات التاريخية، مؤكداً أن على أبناء الوطن الاهتمام بتاريخهم لأنه أساس النهضة التي يعيشونها اليوم.
وتحدث حنظل عن كتابه "المفصل في تاريخ الإمارات العربية المتحدة"، مشيراً إلى أنه عندما شرع في كتابته واجهته أسئلة المصادر التي يمكن الاستناد عليها، فعكف على دراسة تاريخ سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ودول الخليج المجاورة، كما استقى من الذاكرة الشعبية والشعر المحلي، قبل أن يذهب للبحث في الوثائق البريطانية. وقال إن الوثائق العربية وثقت للمنطقة قبل البريطانية.وأشار إلى أن الوثائق البريطانية لم يكتبها مؤرخون، بل كانت عبارة عن تقارير مقدمة لوزارتي الدفاع والخارجية البريطانيتين، وأن كتاب الوثائق البريطانيين كانوا يكتبونها لحكوماتهم بناء على المعلومات المستقاة من الوكلاء المحليين، منبهاً إلى أن الوثائق البريطانية ترجمت من العربية إلى الإنجليزية، وتحولت من الخط المكتوب إلى الخط على الطابعة الحديثة وقتها، وقال إن بين هذه المراحل يجب على الباحث التدقيق والتمحيص في بعض الحقائق التي ربما سقطت.
وجاءت ورقة الأستاذ سعيد بن كراز المهيري، بعنوان "وثائق أبوظبي من وحي مراسلات الشيخ زايد بن خليفة الأول"، التي افتتحها بمقدمات تعريفية للمخطوطات ومحققيها والوثائق وأهميتها، والمهارات اللازمة للمحقق. وتناول المهيري في الورقة اهتمامه بتحقيق المخطوطات من خلال عمله في قصر الحصن، الذي كان مقراً لمركز الوثائق والبحوث، وتجربته في تحقيق المخطوطات.
كما تحدث المهيري عن المخطوطات التي تتناول تاريخ الإمارات، ومن بينها تحقيق "رسائل من عصر زايد بن خليفة"، كان قد حفظها المرحوم الشيخ أحمد بن هلال الظاهري، ممثل الحاكم في العين اعتباراً من عهد زايد الأول إلى عهد المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان، وقال إنها رسائل موجهة من زايد الأول إلى أحمد بن هلال الظاهري، وإلى الشيخ خليفة بن زايد وإخوانه، وعدد آخر من الشيوخ والأعيان في المنطقة، وتأتي أهميتها من كونها تعطي صورة عن أحوال الناس والمجتمع قبل حوالي 100 عام تقريباً.
أما الجلسة الأخيرة، التي أدارها الإعلامي مسلم العامري من نادي تراث الإمارات، فتحدث فيها كل من الأستاذ خالد بكيل، والأستاذة فاطمة المنصوري مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث. حيث جاءت ورقة بكيل بعنوان "تاريخ تأسيس البلدية في إمارة أبوظبي"، حيث جاء في ورقته أن إنشاء بلدية أبوظبي تم على خلفية اقتراح المقيم البريطاني السياسي على الشيخ شخبوط تكوين بلدية على أسس حديثة أسوة ببلدية دبي، مشيراً إلى أنها كانت بمهام إشرافية أول إنشائها. لكن بعد تولي الشيخ زايد "طيب الله ثراه" مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، اعتمد على البلدية كأدة للبناء مما دفع بعجلة التطوير، حيث أشارت الوثائق البريطانية وقتها، إلى أن عملية التطوير ظلت تقوم بها الحكومة بنفسها من دون اللجوء إلى مكاتب التطوير. وأوضح بكيل أن الشيخ زايد قرر الاستعانة بخبراء عرب، فانتدب السوداني السني بانقا ليكون مديراً لبلدية أبوظبي في العام 1968.
كما أشار بكيل إلى أن الشيخ زايد استخدم الموارد المالية في إنشاء المشاريع الخدمية، ومنها شق الطرق ومشاريع الإسكان والكهرباء، حيث أنفق في عام 1966 مبلغ 27 مليون دينار بحريني، وبالرغم من عدد السكان القليل وقتها إلا أن المشاريع كانت كبيرة، وأضاف: "والآن نعرف قيمة ذلك بعد التوسع السكاني"، مشيداً ببلدية أبوظبي وأنها لا تزال مستمرة في عطائها حتى اليوم ويمكننا اعتبارها من أفضل البلديات في المنطقة.
أما ورقة الأستاذة فاطمة المنصوري بعنوان "المراحل التاريخية لتأسيس الطيران المدني في إمارة أبوظبي"، فافتتحتها بتوضيح مسارات الخطوط الجوية البريطانية وعلاقة المنطقة بها، موضحة بدايات تاريخ الطيران في أبوظبي في عهد الشيخ شخبوط بن سلطان، بدءاً من اتفاقية 1935 بين إمارة أبوظبي وبريطانيا التي عقدها الشيخ شخبوط ومنح بموجبها تسهيلات جوية للطائرات الحربية البريطانية في أبوظبي لاثني عشر عاماً، وتم بناء عليها الموافقة على إنشاء مدرج لهبوط الطائرات، مقابل عدم السماح بدخول أي أجنبي المدينة بدون إذن مسبق من الشيخ شخبوط.
كذلك تناولت المفاوضات بين الشيخ شخبوط وبريطانيا بخصوص تطوير المطار، حيث أكدت اتفاقية عام 1959، أنه لا يمكن للشيخ شخبوط أن يتفاوض مع أي شركة طيران بدون موافقة بريطانيا، باعتبارها هي الجهة المسؤولة عن شؤون أبوظبي الخارجية. كما عرجت على عدد من الاتفاقيات الجوية في تلك الفترة مع عدد من شركات الطيران مثل طيران الخليج وشركة أدما.
كما تناولت الورقة تطور الطيران في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بدءاً من اتفاقية الطيران المدني مع بريطانيا عام 1962، التي تعتبر بمثابة حجر أساس أهل أبوظبي إلى دخول عالم الطيران المدني الحديث. وتضمنت تلك الاتفاقية تكفل الحكومة البريطانية بخطة تشغيل مطار دولي في أبوظبي، على أن تمنح الحكومة البريطانية الحقوق للطائرات ليتسنى لها الطيران فوق أبوظبي، بالإضافة إلى إعفاء الحكومة البريطانية وغيرها من مستخدمي المطارات في أبوظبي من دفع الرسوم الجمركية.
وجاء في الورقة أن تأسيس دائرة الطيران المدني جاء في أول يناير عام 1968، ومهمتها تنفيذ السياسة العامة للطيران المدني، وإجراء الدراسات الخاصة بمشروعات تخطيط وتنمية وتطوير المطارات، وتنفيذ القواعد والأحكام المتعلقة بحقوق النقل الجوي والاتفاقيات الثنائية التي تعقد مع الدول الأخرى، وتأمين تزويد المطارات بالخدمات الفنية والإدارية طبقا للمعدلات والنظم الدولية.
وعرجت الورقة على المراحل التاريخية التي مر بها إنشاء مطار البطين الدولي الذي بدأت أعمال البناء فيه في مايو عام 1966 وخلال شهر أغسطس 1967 أصبح مدرج المطار جاهزا لاستقبال أول طائرة نفاثة تابعة لطيران الشرق الأوسط، ثم أصبح المطار يستقبل عشر طائرات تابعة لأربع شركات تعمل بانتظام وهي، شركة الخطوط الجوية الكويتية، وشركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية، وشركة طيران الخليج، وشركة خطوط الشرق الأوسط، حيث ظل يعمل حتى افتتاح مطار أبوظبي في عام 1982.
حضر الندوة سعادة علي عبد الله الرميثي المدير التنفيذي للدراسات والإعلام في نادي تراث الإمارات وعدد من المهتمين والإعلاميين وطالبات جامعة زايد، وحظيت بعديد من المداخلات الثرة، وفي ختامها تم تكريم المشاركين.