تزامنا مع إطلاق ( عام زايد ) كشعار لعام 2018 ، وإحياء لذكرى عيد جلوس السادس من أغسطس ، نظم نادي تراث الامارات متمثلا في مركز زايد للدراسات والبحوث ، أمس ندوة بعنوان " السادس من أغسطس إستلهام وتجليات في ذكرى جلوس زايد الخير "، تحدث فيها كل من : الكاتب والمفكر الاستراتيجي الدكتور يوسف الحسن ، والأكاديمي الدكتور نجيب عبد الوهاب ، وعبد الله رشيد ، مدير مكتب جلف نيوز بأبوظبي ، وقدّم للندوة وأدار حوارها ، حمدان راشد الدّرعي ، رئيس قسم الدراسات والبحوث والندوات بالمركز ، الذي قال في مستهل الندوة : حينما نتحدث عن السادس من اغسطس وما تبعه من تغيير جذري على كافة الأصعدة في أبوظبي ، وما حولها ، فنحن نتحدث عن يوم إختزل أمة في رجل ، فكان أن أينع الخير في هذه الأرض المتعطشة للحضارة ، وأضاف : ما بين السادس من أغسطس والثاني من نوفمبر ، شتّان كبير ، حيث رحل زايد الخير ، عن دولة عربية رسمت أحد أنجح نماذج الوحدة في التاريخ الحديث ، دولة تتمتع برصيد وافر من التقدير والاجلال ، زاخرة بالعلماء والرجال الأفاضل المتسلحين بالعلم والعمل .
وتحدث الدكتور الحسن عن إنجازات المغفور له الشيخ زايد " طيب الله ثراه " في ذكرى جلوسه على مقاليد الحكم ، قبل 5 عقود ، مؤكدا من خلال عرض تاريخي لمسيرته وإنجازاته على الصعيد السياسي ، وتجاوزه بحكمة وبصيرة كافة المعوقات والتحديات التي كانت تواجهها المنطقة ، نحو بناء الاتحاد ، وقيام الدولة ، ليس بسبب الثروة والبترول ، فهما متوافرتان لدول كثيرة ، لم تصل إلى ما حققه من عمل عظيم ، بل بتوفر الارداة الحاسمة والعزيمة لدية ، وإلتفاف الناس من حوله ، كما ركز الحسن في الندوة التي حضرها سعادة عبد الله المحيربي ، المدير التنفيذي للخدمات المساندة في النادي ، ونخبة من رجال الثقافة والفكر والتراث في الدولة، على سمات زايد وصفاته وتجربته مع الحكم ، وقال : لقد كان قائدا إستثنائيا ، ووحدويا من طراز رفيع ، وكان أول من دعا إلى تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1973 ، حتى تم له ذلك في عام 1981 ، بعد عمل شاق وجهد مخلص ، ثم تطرق الحسن إلى أهمية أن نحتفل بهذا التاريخ المجيد ، مؤكدا أننا بذلك نستلهم تجربته ، وما يمكن أن نعلمه من خلالها لأجيالنا القادمة ، فقد كان " رحمه الله" القدوة الحسنة في كل شيء ، مكرسا جل حياته لتحقيق مبادئ التسامح والوفاق بين الأشقاء ، مختتما بأن فقيد الوطن الكبير حقق لنا ( دولة الرفاه ) كما بنى ( دولة نافعة ومفيدة ) للعالم ، وأيضا دولة تتصرف بحكمة بين الأمم ، من خلال إتباع نهج الواقعية السياسية ، والابتعاد عن الاستقطابات والتحالفات ، حتى ترك لنا بوصلة رشيدة لادارة هذه السفينة ، التي يقودها بإقتدار أبنائه الأجلاء .
وركز الدكتور نجيب عبد الوهاب على مبدأ ورسالة التسامح في فكر زايد ، مؤكدا أنه رمز شامخ ، وخالد في ذاكرتنا جميعا ، وقال : عندما ننظر إلى مسيرته في بناء الدولة، سنجد أنه إستوحى تجربته في ذلك من خلال تبنّي فكرة دين الفطرة ، نظرا لما إمتاز به من فطرة سليمة نقية ، خلت من التاثيرات السلبية ، ما اكسبه رؤية إستشرافية ، ألهمته تجربة العمل للتخطيط ووضع الاستراتيجيات ذات الأمد البعيد ، هذا إلى جانب أن فكره وتجربته إستمدها من واقع الناس وحبه وإخلاصه لهم ، فنجح في أن يكون زعيما ، يعمل وفق مبدأ الشورى ، فسيرته العطرة تزخر بصفحات مشرقة ، سطرها التاريخ بأحرف من ذهب لسنوات طويلة من العمل الوطني والقومي الذي لم يتوقف يوماً. وتطرق عبد الله رشيد إلى مسيرة زايد الخير في تأسيس منظومة إعلامية مميزة ، بدءا من توجيهاته بتأسيس عديد المؤسسات والصحف ، مرورا بإهتمامه بأن يكون لدينا إعلاما منافسا ، وقال : كان رحمه الله يتابع الصحف ويبدي وجهة نظره في المحتوى والعناوين ويوجه دائما بالتطوير والارتقاء بمنظومة العمل الصحفي ، مختتما بأنه لولا السند والدعم الذي كان يقدمه الشيخ زايد للاعلام بشتلى أنواعه ، لما كان لنا اليوم هذا الاعلام القوي والمواكب لتطورات العصر .
وشهدت الندوة مشاركة مميزة للشاعر جمعة ربيع بن ياقوت النعيمي ، الذي ألقى قصيدة وطنية في مدح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، رئيس الدولة " حفظه الله " ، ومداخلة قدمها الكاتب والباحث عبد الله عبد الرحمن ، إستعرض خلالها تجربته الصحفية منذ العام 1975 ، وكيف كانت البيئة الصحفية في عهد الشيخ زايد ، وحماسة العاملين فيها في معايشة مختلف الأحداث بمشاعر صادقة ووطنية وتغطية الزيارات الميدانية التي كان يقوم بها الراحل الكبير إلى مختلف أرجاء الدولة وفق رسالة ومهنية عالية الجودة . وعقب ختام الندوة ، أكدت فاطمة مسعود المنصوري ، مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث ، أن نادي تراث الامارات ، يحرص على توثيق المناسبات التاريخية المهمة والتي ساهمت في تغيير مجرى الأحداث التاريخية في المنطقة ، وهو في ذلك يستمد رسالته من التوجه الحضاري لرؤية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة ، رئيس النادي ، ولا أجل في المناسبات من يوم السادس من أغسطس ، وهو ذكرى تولي المغفور له الشيخ زايد ، مقاليد حكم أبوظبي ، ونسعد جميعا بأنه لم يكن يوما عاديا ، بالنسبة لشعب الامارات ، الذي يعتبره جزءا اصيلا من هويته الوطنية .
ثم قدّم سعادة عبد الله المحيربي الشهادات التقديرية والدروع لمشاركين في الندوة ، تقديرا من إدارة النادي لجهودهم ومشاركتهم المميزة ، في إحياء ذكرى هذا اليوم العزيز .