نظم مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات صباح أمس الأحد في مقره بأبوظبي محاضرة للكاتب والإعلامي مراد عبد الله البلوشي من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان " أوائل زايد"، وذلك بمناسبة عام التسامح وشهر القراءة، وافتتاحا للبرنامج الثقافي الخاص بمعرض الشيخ زايد التابع للمركز والذي سيزخر باستضافة كتاب وباحثين لتعريف الجمهور بإصداراتهم ودراساتهم المتعلقة بالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه".
واستهل البلوشي محاضرته، التي حضرتها فاطمة مسعود المنصوري مديرة المركز وعدد من المسؤولين في النادي والمهتمين والباحثين، بالحديث عن أوائل المحطات التي تشهد على التسامح في سيرة الشيخ زايد بدءا من توليه الحكم في واحة العين عام 1946، وانتهاء بمسيرة عطائه الطويله، فقد كان أول عمل قام به في منطقة العين التي كانت تفتقر للاستقرار، هو الإصلاح بين القبائل، وتطبيق القانون، ونبذ الخلافات، وحل المشكلات، وأن يكون تطبيق القانون على الجميع؛ وتحقق ذلك في وقت وجيز من تولي سموه الحكم، فسادت روح المحبة والتعاون بين القبائل القريبة والبعيدة، وتكاتف الأهالي وتعاونوا وتسامحوا ونسوا خلافاتهم؛ لأنهم اتفقوا على حب زاید.
وبين المحاضر صاحب كتاب " أوائل زايد"، أنه مذاك، حفز ما جرى القيام بدراسة ميدانية عن أسباب الدعم والإعجاب اللذين حظي بهما الشيخ زايد، إذ قام الباحث جولیان ووكر في بداية الخمسينيات بإجراء دراسة عن أسباب دعم القبائل في واحة العين وما جاورها للشيخ زايد وإعجابهم به، وتوصل ووكر إلى أن أسباب إعجاب القبائل بالشيخ زايد تكمن في بساطة الشيخ زايد، ومساعدته المحتاجين، وكذلك في صبره ولطفه و عدالته وحكمته. وأشار البلوشي إلى أول تقرير يتحدث عن سماحة الشيخ زايد كان للسيد لوس المقيم البريطاني في الخليج العربي، والمؤرخ في السابع عشر من ابريل 1962 حينما كتب عن الشيخ زايد قائلا: "رجل متسامح بطبيعته، يتمتع بحب أهله، كما أنه يظفر منذ الوهلة الأولى بتقدير كل من يقابله. وهو رجل كريم يشيد به كل من عرفه، شغوف بحب شعبه يتطلع للعمل على رفعته". وذكر البلوشي أن أول وسام يتسلمه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من البابا بولس الثاني كان في الثامن والعشرين من أبريل 1972، حينما قلد البابا بولس الثاني الشيخ زايد بن سلطان وساما رفيعا من درجة فارس، تقديرا المعاملته الإنسانية الراقية لجميع الشعوب والأديان، ومنها المسيحية، ولما تحظى به الجالية المسيحية في أبوظبي من هذه المعاملة الطيبة.
وبين المحاضر أن دعوات زايد للتوافق والتسامح بين الدول العربية لم تتوقف منذ أن تولى رئاسة الاتحاد، ونجحت مساعيه في تقريب وجهات النظر بين العديد من الدول العربية، وحل الكثير من الخلافات بينها، لكن دعوته الصادقة للتسامح بين الدول العربية التي أطلقها في ديسمبر عام 1992، أخذت طريقها إلى قلوب الشعوب العربية قبل رؤسائها، إذ قال عنها الدكتور عصمت عبدالمجيد أمين عام الجامعة العربية الأسبق: "كانت أساس مبادرة المصالحة القومية العربية التي تقدم بها إلى أصحاب الجلالة والفخامة ملوك ورؤساء الدول العربية ، والقائمة على المصارحة قبل المصالحة، وقد صارت اليوم ضرورة تعد الأساس القوي الذي من خلاله يتم تجميع القدرات العربية الهائلة، للتعامل مع كافة التطورات والمتغيرات"، وتبع ذلك استحداث أول جائزة تحمل لقب "حكيم العرب" منحت للشيخ زايد عام 1997 من قبل مجلة "الأهرام العربي" المصرية تقديرا لجهوده المخلصة في سبيل لم الشمل العربي، وإرساء قاعدة التسامح والغفران بين الأشقاء العرب، وبناء علاقات طيبة بين البلاد العربية.
واستعرض البلوشي في محاضرته جوانب آخرى في أوائل الشيخ زايد أهمها الإعلام، فكانت أول إذاعة عربية يستمع إليها الشيخ دائما، إذاعة صوت العرب التي تبث من القاهرة، إذ تبنت الإذاعة بعض القضايا التي تهم منطقة الخليج، وأفردت لها مساحات من البث الإذاعي. وكان أول بث رسمي لإذاعة أبوظبي في الخامس والعشرين من فبراير 1969، وألقى سموه كلمة بهذه المناسبة أكد فيها التمسك بالتعاليم الإسلامية وتعليمها لأبنائها. وذكر البلوشي أول استديو يبنى للتلفزيون في بناية الشيخ سرور بن محمد في شارع حمدان، وأول خبر عن افتتاح تلفزيون في أبوظبي في الخامس والعشرين من يونيو عام 1969، نقلته وكالة الأنباء العالمية رويتر أعلنت فيه أن البث التلفزيوني في أبوظبي سيبدأ لأول مرة في السادس من أغسطس 1969. وفي السابع من أغسطس عام 1969 ونيابة عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي، افتتح سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي بشكل رسمي محطة تلفزيون أبوظبي، بمناسبة الاحتفالات بیوم الجلوس الثالث للشيخ زايد.
وبين المحاضر أن "الاتحاد" هي أول صحيفة تصدر في أبوظبي، إذ صدر العدد الأول منها في العشرين من أكتوبر 1969، وكان العنوان الرئيسي في صدر الصفحة الأولى (مرحبا برواد الاتحاد) حيث كتب هذا العنوان باللون الأحمر، وبدأت الجريدة بالصدور أسبوعيا، وكان عدد صفحاتها 12 صفحة. وحين رأى الشيخ زايد أن أعداد الأجانب الذين يتوافدون على أبوظبي للعمل كخبراء ومستشارين، وبعضهم يعمل في مراكز قيادية، ومنهم من يعمل في المشاريع الأخرى، وجه بإصدار صحيفة باللغة الانجليزية، فكانت صحيفة "أبوظبي نيوز" حيث صدر العدد الأول منها في السابع من مايو 1970. وتصدر العدد الأول صورة جمعت صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية.