باحثون خليجيون يناقشون قضايا الأرشيف في الإمارات ودول الخليج
نادي تراث الإمارات ينظم ندوة عن وثائق دولة الإمارات والخليج العربي في الأرشيفات العالمية
نظم مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، عبر منصته الرقمية، مساء أمس "الثلاثاء"، ندوة بعنوان "وثائق دولة الإمارات والخليج العربي في الأرشيفات العالمية"، بمناسبة اليوم العالمي للأرشيف الذي يصادف التاسع من يونيو كل عام. وتحدث في الندوة كل من الشيخ الدكتور خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي بالبحرين، والدكتور فيصل التميمي مدير عام المركز الوطني للوثائق والمحفوظات في الديوان الملكي السعودي، والأستاذة شيخة سعيدان رئيسة قسم الترميم والحفظ في مركز البحوث والدراسات الكويتية، والدكتور سيف البدواوي المؤرخ المتخصص في تاريخ الإمارات والخليج العربي، وأدار الندوة الدكتور حمد بن صراي أستاذ التاريخ في قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات.
وافتتحت الندوة فاطمة المنصوري مديرة مركز زايد للدراسات والبحوث، التي نوهت إلى الأشواط الكبيرة والمهمة التي قطعتها دولة الإمارات العربية المتحدة في الحفاظ على أرشيفها حيث استخدمت أحدث التقنيات لعرض ملايين من وثائقها عبر منصاتها المعرفية، كما أشارت إلى أن دولة الإمارات تعد عضواً فاعلاً في المجلس الدولي للأرشيف وذلك من خلال عضوية المراكز البحثية والوطنية الوثائقية.
وأكدت المنصوري أهمية الاحتفال بهذا اليوم بالنسبة إلى مركز زايد للدراسات والبحوث، حيث يضم المركز العديد من الوثائق من أرشيفات مختلفة مثل الأرشيف البريطاني والأرشيف العثماني، وهي وثائق تدعم العمل البحثي للمركز، حيث أصدر المركز العديد من الكتب والدراسات التاريخية. كما أشارت المنصوري إلى امتلاك المركز مجموعة كبيرة من الأرشيفات المتعلقة بالدوريات العربية، بالإضافة إلى أرشيف مميز للتاريخ الشفاهي حيث كان من المؤسسات التي لها السبق في توثيق التراث الشفاهي.
ونوهت المنصوري إلى أن الوثائق في الخليج العربي تحمل الكثير من القواسم المشتركة باعتبار أن تاريخ دول المنطقة هو تاريخ مشترك، مؤكدة أن غرض هذه الندوة تسليط الضوء على آخر التطورات والجهود التي بذلتها المراكز البحثية في دول الخليج للحفاظ على أرشيفاتها الوثائقية، بجانب بحث سبل التعاون في ما بينها.
وقال الدكتور حمد بن صراي في تقديمه للمتحدثين إن الوثائق صارت هماً يؤرق الجميع وهي في الوقت نفسه مخزن لمن أراد البحث في معلومة معينة، مشيراً إلى أن البحث في الوثائق يحتاج إلى الصبر والأناة للحصول على المعلومات، مثمناً قيمة الوثيقة في إثبات المعلومة التاريخية.
أما الشيخ الدكتور خالد بن خليفة، فأبان أن مركز عيسى الثقافي هو مظلة لعدد من المراكز والدوائر الإدارية، ويضم مركز الوثائق التاريخية، والأرشيف الوطني. وقال إن مركز الوثائق التاريخية يحتوي على كل الوثائق من مختلف الفترات التاريخية القديمة حتى الاستقلال، فيما يحتوي الأرشيف الوطني على على الوثائق الحكومية وغير الحكومية منذ الاستقلال وحتى اليوم.
وأكد أن مركز الوثائق التاريخية يحتوي على الوثائق البريطانية مثله مثل بقية دول الخليج، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية الوثائق المحلية، مشيراً إلى أنهم خطوا خطوات واسعة في ما يتعلق بالوثائق المحلية لا سيما الشفاهية.
وقال إن دول الخليج يوحدها تاريخها، ودعا إلى مزيد من التعاون بين المراكز البحثية والأرشيفية لكون الوثائق تحتاج إلى جهد كبير في حين أن عدد الباحثين في دول الخليج محدود مما يحتم عليهم التعاون في ما بينهم.
ووصف الدكتور فيصل التميمي يوم التاسع من يونيو بأنه "العيد الأرشيفي العالمي" وأنه يمثل مناسبة لتبادل الخبرات وتسليط الضوء على قضايا الأرشيف وما تعانيه الوثائق حول العالم، وقال: "كما نعلم فإن الأرشيف حول العالم يواجه تحديات كبيرة أهمها الطبيعة الخاصة للتعامل مع الوثيقة نظراً للظروف البيئية التي يجب حفظها فيها".
وفي ما يتعلق بجهود المملكة العربية السعودية في المحافظة على وثائقها، أشار التميمي إلى تنوع المؤسسات في المملكة في ما يخص الوثائق، حيث يوجد المركز الوطني للوثائق والمحفوظات الذي يعنى بالوثائق الرسمية للمملكة وهو موجود منذ أكثر من 30 عاماً، كذلك أنشئت في سبعينيات القرن الماضي دائرة الملك عبد العزيز وهي مؤسسة تاريخية بحثية علمية تعمل على حفظ تاريخ وجغرافيا الجزيرة العربية.
وقال التميمي إن جهود المملكة العربية السعودية متنوعة حول الوثيقة التاريخية والتعامل معها، وهناك عدد من المبادرات التي اتخذتها المملكة مثل مكتبة الملك فهد الوطنية، كذلك توجد جهود أضافية حيث استشعر القائمون على بعض المؤسسات في المملكة أهمية الحصول على نسخ أو صور أو أصول للوثائق التي تخص المملكة والجزيرة العربية بشكل عام، والمحفوظة في عدد من الأرشيفات العالمية، فتم عقد اتفاقات مع عدد من الدول مثل الأرشيف البرتغالي، كذلك توجد اتفاقية مع الأرشيف الأذربيجاني وخطوط تواصل مع الأرشيف اليوناني، وغيرها، لعقد اتفاقات للحصول على الوثائق.
وأشار التميمي إلى وجود جهود حثيثة للحصول على الوثائق من الأرشيفات العربية، حيث تم عقد اتفاقات مع الأرشيف الإماراتي والأرشيف التونسي والأرشيف السوداني. وأشار إلى أن هذه المبادرات توضح جهود المملكة للعناية بالوثيقة والاهتمام بها، حيث تضمنت هذه الاتفاقات أيضاً فتح قنوات للتواصل ونقل الخبرات بين الأرشيفات العالمية لاسيما الدول المتقدمة في مجال الأرشفة.
فيما قدمت الأستاذة شيخة سعيدان نبذة تعريفية عن مركز البحوث والدراسات الكويتية، الذي بينت أنه أنشئ بعد الغزو العراقي لدولة الكويت مباشرة بهدف جمع الوثائق التي تركها الجنود العراقيون بعد حرب تحرير الكويت، وبعد جمعها بدأ المركز في إعداد الدراسات المتعلقة بتلك الفترة.
وأبانت أنه في العام 1992 صدر مرسوم أميري بتغيير اسم المركز إلى مركز البحوث والدراسات الكويتية، حيث حدد المرسوم المهام الجديدة للمركز ومن بينها القيام بالبحوث والدراسات المتعلقة بتاريخ وتراث دولة الكويت وجغرافيتها وسياساتها وكل ما يتعلق بها، بالإضافة إلى جمع الوثائق الحكومية الموجودة في جميع مؤسسات الدولة.
وقالت شيخة إنه في بداية الألفية أدرك المركز أن العمل الحكومي المؤسسي في الدولة بدأ متأخراً في منتصف القرن الماضي، وكانت ملامح التاريخ مخفية، لذلك كان الحل الذي اتبعوه هو البحث عن الوثائق الأهلية التي دونها أبناء المجتمع الكويتي، لاسيما أن الأنشطة التي كانت تقوم في المجتمع هي أنشطة فردية ورغم بساطتها أسهمت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي للدولة وأسهمت في توطيد علاقات الكويت بالدول المجاورة وانفتاح الكويتيين على ثقافات أخرى.
وبينت شيخة أن الوثائق الأهلية حملت معلومات غاية في الدقة والأهمية التي لا تقل شاناً عن وثائق الأرشيفات العالمية، ونقلت صورة حية عن تاريخ الكويت القديم تؤرخ للصحة والتعليم والحياة في تلك الأوقات. وقالت إن المركز يضم حالياً أرشيفاً ضخماً يحتوي على 20 مليون مادة وثائقية.
وتحدث الدكتور سيف البدواوي عن تجاربه في البحث في الأرشيفات الأجنبية، مشيراً إلى خطوات وطرق البحث في الأرشيفات البريطانية والهولندية والهندية، مشدداً على أهمية الأرشيف الهندي لا سيما في بومباي التي شهدت حضوراً عربياً كبيراً. ووصف البدواوي بريطانيا بأنها "مخزن الوثائق" حيث تحتوي أرشيفاتها على وثائق منذ العام 1600.
وعن رقمنة الأرشيفات، أكد الشيخ الدكتور خالد بن خليفة أنهم قطعوا شوطاً كبيراً في هذا الصدد فيما أكد الدكتور فيصل التميمي أن المركز الوطني للوثائق والمحفوظات وبقية الجهات في المملكة العربية السعودية قطعت شوطاً كبيراً في الرقمنة لا سيما في الوثائق القديمة لكن الطريق لا يزال طويلاً نسبة للوتيرة المتسارعة التي ترد بها الوثائق. بينما أشارت الأستاذة شيخة سعيدان إلى أن مركز البحوث والدراسات الكويتية أنجز رقمنة كافة الوثائق الحكومية وحوالي 70% من الوثائق الأهلية حتى الآن.